خطة مارشال وإعادة إعمار سوريا:
مقارنة واقعية
تُعدّ خطة مارشال واحدة من أنجح التجارب في إعادة الإعمار بعد الحرب العالمية الثانية، حيث ساهمت بشكل مباشر في تعافي أوروبا الغربية من الدمار الواسع الذي خلّفته الحرب
وقد تحقق هذا النجاح نتيجة تضافر عدة عوامل أساسية، أبرزها:
• توفر الطاقة بأسعار رخيصة، مما خفّض من كلفة المشاريع وسرّع من وتيرة تنفيذها.
• وجود يد عاملة وافرة ورخيصة، ساعدت في إنجاز أعمال البناء والإنتاج الصناعي بوتيرة سريعة.
• الشفافية المالية الصارمة، التي اشترطتها الولايات المتحدة الأميركية على الدول المستفيدة، والتزمت بها حكومات أوروبا الغربية، ما ساهم في تقليل الهدر والفساد، وزيادة فعالية التنفيذ.
أما في الحالة السورية، فإن محاولة استنساخ تجربة خطة مارشال قد تصطدم بعدة تحديات بنيوية تجعل المقارنة غير دقيقة، والنتائج المتوقعة مختلفة جذرياً. وأبرز هذه التحديات:
• ارتفاع كلفة الطاقة، حيث تُحتسب أسعارها وفقاً للأسواق العالمية، ما يزيد من تكاليف المشاريع ويبطئ من وتيرة الإنجاز.
• اعتماد مشاريع إنتاج الطاقة على نماذج استثمارية كـ(BOT)، حيث يسعى المستثمر لتحقيق عائد تجاري، مما يؤدي إلى زيادة كلفة الإنتاج.
• ضعف الشفافية المالية في إدارة الموارد العامة، والتي لا تزال غير واضحة أو خاضعة لرقابة فعّالة، ما يثير الشكوك حول القدرة على تطبيق نموذج مشابه لما تحقق في أوروبا الغربية.
بالتالي، فإن الحديث عن “خطة مارشال سورية” قد يحمل أبعاداً رمزية أكثر من كونه تصوراً عملياً قابلاً للتحقق، ما لم تتوفر البيئة الاقتصادية والمؤسسية الملائمة لنجاح هذا النموذج، بما يشمل إصلاحات جذرية في منظومة الحوكمة والشفافية والاستثمار.